(8) حديثُ الصيام :

(8) حديثُ الصيام :
============
- إعلموا أنَّكُمْ إِنَّما خُلقتُم للأَخرةِ :
==================
- بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على خَاتَم أنبياء ورسل الله .
- أما بعد ...
- ( فإعلموا أنَّكم إنما خُلقتم للأخرةِ ، وخلقَ اللهُ الدنيا لكم ، لا لتنشغلوا وتنصرفوا به عنه ،
- وإنما لتصلوا بها وعن طريقها إليه ، فقد خلقكم الله لعبادته ِ ،
- وتكفل لكم بالرزق الذى يُعينُكم على هذه العبادة ، كما جاء فى كل من :
- قوله تعالى { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ، مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } الذاريات 58
- وقوله تعالى { وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ، فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ } الذاريات 23
- فلسنا للدنيا خُلقنا ، ولا بالعمل لها أُمرنا ، وإنما وُضِعنا فيها لنُبتَلى بها ،
- فقد خلقَ الله الدنيا لما بعدها ، وإبتَلَى فيها أهلها ، ليعلمَ أيًّهم أحسنُ عملا ،
- فإعملوا قبلَ ألا تعملوا ، فالدنيا عملٌ ولا حساب ، والأخرةُ حسابٌ ولا عمل ،
- فحاسبوا أنفسكم قبلَ أن تُحاسَبوا ، وزِنوا أعمالَكم قبلَ أن توزنَ عليكم ،
- وإعلموا أنه ما بعدَ الموتِ من مُستعتَبٍ (1) ، وما بعدَ الدنيا من دارٍ إلا الجنةَ أو النار ،
- والجنةُ دَارُ نعيمٍ إن عَملتَ برضا الإله ، والنارُ دارُ جحيمٍ إن فَرَّطْتَ فالنارُ ،
- هما مَحِلاَّنِ ما للناسِ غيرِهما ، فإنظر لنفسكَ ماذا أنت مُختَارُ ،
- الجنةُ لا ينامُ طالبُها ، والنارُ لا ينامُ هارِبُها ،
- فمن رجا شيئا فليطلبهُ ، ومن خافَ من شيئٍ فليهرب منه ،
- من إشتاقَ إلى الجنةِ أقبلَ على الطاعاتِ ، ومن أشفقَ من النارِ رجعَ عن المحرماتِ ،
- ومن زَهِدَ فى الدنيا ، هانت عليه المُصيباتِ ، ألا إنَّ لله عبادا كمن رأى :
- أهلَ الجنةِ فى الجنةِ يُنعَّمونَ ، وأهلَ النارِ فى النارِ يُعذَّبونَ ، أولئك العباد :
- شرورهم مأمونة (2) ، وقلوبهم محزونة (3) ، وأنفُسَهم عفيفة (4) ،
- وحوائجهم خفيفة (5) ، صَبروا أياما قليلة (6) ، لِعُقبَى راحةٍ طويلة (7) ،
- علماءَ حكماءَ بررةٌ أتقياء ) ,
- جعلنا اللهُ وإياكم منهم ، وجعلنا من الذين يستمعونَ القولَ فيتبعونَ أحسنهُ ،
- وسلامٌ على المرسلين ، والحمدُ لله رب العالمين .

====================================
(1) ما بعدَ الموتِ من مُستعتَبٍ : أى لا يُستعتَبَ الإنسانُ بعدَ الموتِ ،
- فيقال له مثلا : ( لقد أُمرتَ بكذا من الطاعاتِ فلما لم تفعل ،
- ولقد نُهيتَ عن كذا من المعاصى فلما فعلتَ ) .
- لا عتابَ يومئذٍ ولا إستعتاب ، وإنما هو حسابٌ وعقاب ، كما جاء فى كلٍ من :
- قوله تعالى { فَيَوْمَئِذٍ لّا يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } الروم 57
- وقوله تعالى { وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } النحل 84
(2) شرورهم مأمونة : ( لأنهم أُنَاسٌ خَيرونَ لا يصدرُ الشرَّ غنهم ولا يُتوقَعُ الشرَّ منهم )
(3) وقلوبهم محزونة : ( من خوفهم وإشفاقهم ، ومن هَمِّ التفكير فى أخرتهم ، ومن مُعَانَاةِ صبرهم على الطاعاتِ ، وصبرهم عن المعاصى ) .
(4) وأنفُسَهم عفيفة : ( لما يتحلَوْنَ به عفةٍ وقناعةِ وغنى نفس ) .
(5) وحوائجهم خفيفة : ( لما يتحلونَ به فى الدنيا من زُهد ) .
(6) صَبروا أياما قليلة : ( وهى أيامُ الحياةِ الدنيا ) .
(7) لِعُقبَى راحةٍ طويلةٍ : ( فى الأخرة إن شاء الله ) .